لكنها ليست مجرّد حفلة، ولا ميادة مجرّد فنانة تصعد لتُغنّي فقط.
إنها ذاكرة حيّة تتجسّد أمامنا…
ذاكرة من زمنٍ كان فيه اللحن يروي حكاية حقيقية،
وكانت الكلمة مشبعة بالشوق،
والموسيقى قادرة على أن تنقل صورة من الذاكرة.
ميادة… الصوت الذي حمل ألحان بليغ حمدي، وكلماته، ووجعه، وحنينه.
أن تراها على مسرح جرش،
كأنك ترى ظلّ بليغ واقفًا في ركن بعيد، ينصت ويتنفّس،
كأنك تسمع أنفاس الحنين ذاتها، تتردّد من بين حناجر الجمهور.
كلّ منّا فقد شيئًا يحبّه،
وكلّ منّا له طريقته في التعبير عن حزنه، وعن حنينه لمن رحل.
وأنا، اخترت أن أذهب…
لأشهد شهادة حيّة على مسرح جرش،
لأرى ميادة تروي، بصوتها، وجع بليغ،
حين ودّع وردة وهي ما تزال حيّة،
ولأسمع الأغنية التي غنّتها وردة بعد رحيله،
كأنها ترثيه وتُودّعه بصوتها:
“بودّعك… وبودّع الدنيا معك… الله معك.”
وسنسمع أيضًا “الحب اللي كان”،
الأغنية التي كتبها ولحّنها بليغ، بعد أن سُئلت وردة عن بليغ في أحد اللقاءات الصحفية بعد انفصالهما، فقالت ببرود:
“مين بليغ؟”
فردّ عليها، لا بكلمة… بل بأغنيةٍ قال فيها:
“نسيت اسمي كمان؟ أنا الحب اللي كان.”
ليست حفلة فقط…
بل لحظة نادرة ترى فيها كيف يتحوّل الفقد إلى لحن،
وكيف تقف الذكرى على مسرحٍ روماني،
بتاريخه وما يحمل من معنى وذاكرة،
تُغنّي… لا لتُطرب فقط، بل لتُذكّر، وتواسي، وتُحيي الغائبين فينا.
جرش 39 ليس حدثًا عابرًا.
في هذه اللحظة بالذات،
يصبح الماضي حيًّا…
ويتحوّل الحزن إلى فنّ،
ويعود بليغ، لا في الصوت فقط،
بل في الوجدان كلّه.
لمن يعرفون التأمّل… هذه اللحظة ثمينة.
لمن ذاقوا الشوق… وفهموا كيف يغنّي القلب ما لا يُقال،
جرش 39 هو موعدٌ مع الغياب… لكنه غيابٌ نغنّيه.
-
أخبار متعلقة
-
سماوي: "مهرجان جرش" حقق نجاحا كبيرا بشهادة الضيوف العرب والأجانب
-
سفارة جورجيا تعبر عن تقديرها للأردن في إنجاح فعاليات الباليه الجورجي بجرش
-
سفارة جورجيا تعبر عن تقديرها للأردن في إنجاح فعاليات الباليه الجورجي بجرش
-
نصف مليون زائر لمهرجان جرش في دورته الـ39
-
أصالة نصري تختتم ليالي جرش بتألق كبير وسط آلاف الحضور
-
الفنانة الاردنية مكادي نحاس تلهب ختام فعاليات الساحة الرئيسة بجرش 39
-
ندوة "جماليات المكان" تستعرض تاريخ مدينة معان وتراثها الثقافي
-
بانوراما "رجالات جرش" تسهم في توثيق الذاكرة الوطنية