إن نمو القيمة السوقية بنسبة 26% خلال سبعة أشهر، وارتفاع معدل التداول اليومي بنسبة 83% مقارنة بعام 2024، مؤشرات مهمة بلا شك، وهي تعكس عودة الثقة للسوق وتفعيل دور القطاعات الصناعية والمالية. غير أن هذه القفزات تكشف في الوقت نفسه عن خلل في التوازن الاقتصادي؛ فالقطاع الصناعي وحده قاد المشهد بنسبة نمو 42% بفضل الفوسفات والبوتاس، بينما لم يتجاوز نمو قطاع الخدمات 4%، وهو القطاع الأوسع ارتباطاً بحياة المواطن اليومية.
هنا تتضح المفارقة: من يقود بورصتنا هو التصدير الخارجي أكثر من الاقتصاد الداخلي، وهو ما يجعل السوق عرضة لتقلبات الطلب العالمي. أي تراجع في أسعار السلع أو الطلب الخارجي قد ينعكس مباشرة على البورصة، في حين تبقى قدرة السوق المحلي على حماية هذه المكاسب محدودة إذا لم تُدعَم بقطاعات إنتاجية داخلية أكثر تماسكاً.
تؤكد الحكومة أن ما تحقق في السوق المالي يعكس جهودها في تحسين بيئة الاستثمار وتطوير التشريعات، وهذا جانب مهم، لكنه يحتاج اليوم إلى استكمال عبر إصلاح ضريبي متوازن يخفف من كلفة الإنتاج المحلي، ويحفّز الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويوسّع من دور قطاع الخدمات والتكنولوجيا، حتى لا يبقى محصوراً في دائرة محدودة لا تتجاوز 2.6 مليار دينار من القيمة السوقية.
نرى أن نجاح البورصة لا بد أن يكون مدخلاً لتعزيز الاقتصاد الحقيقي وتحسين معيشة المواطن. فالبطالة بين الشباب ما تزال مرتفعة وتدور حول 21%، والقوة الشرائية للأسر تآكلت بفعل ارتفاع الأسعار، حيث يذهب أكثر من 40% من دخل العائلة الأردنية للغذاء والسكن فقط. هذه الأرقام تعكس أن الطريق لا يزال طويلاً حتى يشعر المواطن بالإنجازات الاقتصادية في حياته اليومية.
إن المطلوب اليوم أن يتحول هذا الإنجاز إلى مشروع وطني متكامل: إصلاح ضريبي يعيد التوازن بين المواطن والمستثمر، تحفيز لقطاع الخدمات والتكنولوجيا، استثمارات إنتاجية تخلق وظائف حقيقية، وربط نتائج السوق المالي بالاقتصاد الواقعي.
لقد حققت بورصة عمّان أعلى قيمة منذ 2010، وهذا إنجاز يستحق التقدير، لكن القيمة الحقيقية له لن تكتمل إلا إذا تحول من مؤشر مالي إلى رافعة اجتماعية واقتصادية تضمن التوازن بين المستثمر والمواطن، وتجعل المواطن يلمس أثره في بيته قبل أن يراه في نشرات البورصة.
-
أخبار متعلقة
-
مازن القاضي رئيسا لمجلس النواب بالتزكية بعد انسحاب الخصاونة
-
الملك عبدالله الثاني في سلوفينيا… حين يصبح صوت الأردن ميزان الشرق والغرب
-
بيان صادر عن كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية النيابية
-
الفايز يترأس جانبا من جلسة المناقشة العامة لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف
-
عطية : زيارة عضو "الكنيست الإسرائيلي" للزرقاء استفزاز لمشاعر الأردنيين
-
الفايز: دور الأردن الإنساني لم يتوقف منذ بدء الحرب على غزة
-
العين العرموطي تشارك في مؤتمر الاستثمار بالقاهرة
-
ائتلاف برلماني وطني موحّد بين كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية والحزب الوطني الإسلامي