وبين رئيس الهيئة، مؤيد شعبان، أن هذه الأوامر تشير إلى تحوّل نوعي في استخدام الاحتلال لأوامر وضع اليد لأغراض عسكرية في منطقة طوباس والأغوار الشمالية، موضحاً أنه وبالرغم من صدور 9 أوامر تبدو منفصلة من حيث الترقيم والموقع، إلا أن تجميع حدودها وإسقاطها على الخريطة يظهر أنها جميعاً تشكّل مشروعاً واحداً لشق طريق عريض يمتد من شمال طوباس باتجاه تياسير والأغوار، وبطول متصل يصل إلى 22 كيلومتراً، وهو طول الشارع الذي يمر عبر مساحات زراعية وسكانية واسعة ويحاصر خربة يرزا شرق طوباس من كافة الاتجاهات، ويهدف إلى حرمان المواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى المراعي في السهول الشرقية، لا سيما إلى الشرق من الشارع، والتي تصل إلى عشرات آلاف الدونمات.
وأشار شعبان إلى أن "الطابع المعلن للأوامر هو شق طريق أمني، وهو مصطلح يُستخدم عادة لشق طرق التفافية خاصة بجيش الاحتلال تسمح بالسيطرة السريعة على مناطق الوديان والمرتفعات، وتربط قواعد الاحتلال ونقاطه المنتشرة في الأغوار، وتأمين حركة المستعمرين في المنطقة لاحقاً، إضافة إلى أن امتداد الطريق كما يظهر على الخريطة يشير إلى أنه ليس طريقاً تكتيكياً قصير المدى، بل هو ممر استراتيجي يهدف إلى خلق محور حركة جديد يربط الأغوار الشمالية بالعمق المحتل، وإحكام السيطرة على الأراضي الزراعية الفاصلة بين طوباس وطمون وتياسير، بهدف إجهاض أي إمكانية لوجود تواصل جغرافي فلسطيني غير خاضع للسيطرة المباشرة".
وأوضح أنه وبالرغم أن أوامر وضع اليد تحمل طابعاً عسكرياً مؤقتاً، إلا أن التجربة تشير إلى أن 90% من "الطرق العسكرية" تحوّلت لاحقاً إلى طرق تخدم المستعمرات، أو محاور فصل بين التجمعات الفلسطينية، مضيفاً أن المساحات المصادرة "قرابة 1042 دونماً" ليست مجرد شريط ضيق، بل هي حزام واسع يسمح بإعادة تشكيل المشهد الجغرافي في المنطقة، وبالتحديد خلق منطقة عازلة بين طوباس والتجمعات البدوية والزراعية المحيطة من أجل تسهيل توسع المستعمرات القائمة في الأغوار وربطها بشبكة طرق أعلى تصنيفاً، وما يمثله ذلك من ضرب الامتداد الزراعي الفلسطيني الذي يشكّل العمود الفقري لاقتصاد طوباس.
وأشار إلى أن الطريق يقع ضمن منطقة تشهد منذ عامين تسارعاً كبيراً في نشاط المستعمرين واعتداءاتهم، مما يعزز فرضية أن المشروع يخدم رؤية الاحتلال في تعميق الضم الفعلي للأغوار، وتعزيز السيادة الإسرائيلية من خلال بنية تحتية متصلة.
وعلى صعيد الدلالات السياسية والقانونية، بين شعبان أن إصدار جيش الاحتلال لـ 9 أوامر بدلاً من أمر واحد هو محاولة واضحة لتمويه الحجم الحقيقي للمشروع وتفادي الضجة السياسية والإعلامية، مبيناً أن كل أمر منفصل يبدو محدوداً، لكن عند جمعها تتبدى صورة مشروع كبير يصعب تمريره بأمر واحد دون إثارة ردود فعل.
وتابع: "وهنا يجب القول إن الاعتماد على أمر وضع اليد العسكري بدلاً من أمر استملاك مدني يعكس التفافاً على الالتزامات القانونية الدولية، ومحاولة إظهار الطريق باعتباره ضرورة أمنية لا منشأة دائمة، وهي وسيلة باتت تتبعها دولة الاحتلال كما فعلت بخصوص الشارع الذي شرعت بشقه إلى الشرق من بلدة جينصافوت شرق محافظة قلقيلية قبل عامين، والأمر الخاص بشق طريق مدينة سلفيت قبل عام"، مبيناً أن هذه الممارسات تمثل خرقاً واضحاً للمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة.
وأضاف شعبان أن "المعطيات تشير إلى أننا أمام مشروع بنية تحتية استعماري طويل المدى يتستر بواجهة عسكرية في إطار إعادة رسم الخريطة الجغرافية السياسية لطوباس والأغوار، وخلق محور طولي استراتيجي يفصل التجمعات الفلسطينية ويحاصرها، وتمكين المستعمرات وتعزيز وجودها على حساب الأراضي الزراعية، وما يمثله ذلك من إضعاف قدرة الفلسطينيين على التمدد أو الحفاظ على أراضيهم المهددة، وفرض وقائع جديدة تعيق أي ترتيبات مستقبلية تتعلق بحل الدولتين".
وفا
-
أخبار متعلقة
-
الاحتلال يعتقل فلسطينيين عقب صدم مستوطنين مركبتهم بالخليل
-
إصابة شاب برصاص الاحتلال عند جدار الفصل العنصري
-
بدعم من وكالة الإمارات للمساعدات الدولية .. مبادرة "ثوب الفرح" تخفف من أعباء الزواج في غزة
-
كندا وألمانيا بحثتا الوضع في غزة على هامش قمة العشرين
-
الاحتلال يستولي على أراض في طوباس وترمسعيا لتوسيع الاستيطان
-
مصادر إسرائيلية: واشنطن قد تستغرق شهورا لتقرر تشكيل قوة دولية بغزة
-
المكتب الحكومي بغزة: الاحتلال يتحمل مسؤولية إفشال الاتفاق
-
عمليات نسف شرقي بيت لاهيا
