ومع ذلك، يواجه هذا التوجه التكنولوجي في التعليم بعض المقاومة. ففي كوريا الجنوبية، أثارت خطة لاستخدام كتب رقمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في المدارس عام 2025 انتقادات واسعة من الأكاديميين وأولياء الأمور. وكما هي الحال في مجالات أخرى، فمن غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المعلمين، وهذا ما لا يجب أن يحدث.
حيث تؤكد الأبحاث المختلفة أن أفضل طرق التعلم تكون اجتماعية، وتنطوي على تفاعل بين المعلمين والطلاب وبين الطلاب بعضهم بعضاً. ويعد هذا سبباً مهماً وراء أن «المساقات التعليمية الهائلة المفتوحة عبر الإنترنت»، وهي دورات تعليمية مفتوحة المصدر وموجودة عبر الإنترنت وتهدف إلى مشاركة واسعة، لم ترقَ إلى الضجة التي أحدثتها لدى ظهورها في العقد الماضي.
ومن غير المرجح أن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على أن يكون بديلاً عن الحكم والتحفيز والتوجيه والرعاية التي يمكن للمعلم تقديمها. لكن بما أن الطلاب سيدخلون عقب انتهاء دراستهم أماكن عمل مجهزة بالذكاء الاصطناعي، يتعين على المدارس إعدادهم للمضي قدماً في هذا العالم، بما في ذلك فيما يتعلق بالطريقة التي يتعلمون بها. ويحوي الذكاء الاصطناعي في طياته آفاق تمكين المعلمين، مما سيمنحهم مزيداً من الوقت لإنجاز أفضل ما يمكنهم القيام به.
ويمكن للتكنولوجيا، على سبيل المثال، مساعدة المعلمين في الأعمال الروتينية التي يقومون بها خارج الفصول الدراسية، وتكون غير مدفوعة الأجر في بعض الأحيان. وتطلق شركات التكنولوجيا التعليمية بالفعل منتجات تساعد المعلمين على إعداد خطط الدروس والعروض التقديمية، وأيضاً مهام يوكلون بها الطلاب.
ومع ذلك، فهذه الأدوات، شأنها شأن أدوات الذكاء الاصطناعي في كل المجالات، يجب أن تخضع للمراقبة لتجنب «الهلوسات والتحيزات» المحتملة. وتطلق أنظمة متقدمة على نحو متزايد أيضاً بإمكانها تصحيح الاختبارات والواجبات المنزلية، وبإمكانها حتى تقديم ملاحظات على الواجبات المكتوبة.
وتعمل شركات التكنولوجيا التعليمية أيضاً على تطوير معلمين مدعومين بالذكاء الاصطناعي بإمكانهم تمهيد الطريق لمنح الطلاب مزيداً من الاهتمام الفردي عن طريق متابعة التقدم الذي يحرزونه وفهمهم وتقديم الدعم المناسب لهم.
فعلى سبيل المثال، صممت الأجهزة اللوحية الرقمية في كوريا الجنوبية بحيث تكون قابلة للتخصيص بطريقة تمكن سريعي وبطيئي التعلم من الحصول على تقييم من البرمجيات وتوكيلهم بمهام محددة يولدها الذكاء الاصطناعي. ويتوجب على المدرسين من ناحية أخرى أن يشرفوا على تقدم الطلاب وإكمال الحصص الدراسية على الإنترنت بالكثير من المناقشات في الفصول الدراسية والأنشطة المشتركة.
ويعد ضمان عدم اعتماد الطلاب بصورة تامة على الذكاء الاصطناعي واستخدامه لكتابة المقالات وحلول المسائل الرياضية واحدة من المشكلات التي تواجه المعلمين. لذلك، تتوسع بعض المدارس في استخدام مبدأ «التعليم المعكوس»، أي تبتعد عن إلزام الطلاب بكتابة مقالات في المنزل، حيث يسهل استخدام الذكاء الاصطناعي في إنجاز المطلوب.
وعوضاً عن ذلك، تستخدم الواجبات المنزلية في دراسة المواد التعليمية، وربما عن طريق الذكاء الاصطناعي، ويستغل الوقت الذي يقضونه داخل الفصول الدراسية في تعزيز فهمهم لما درسوه من خلال النقاش أو بالاختبار، أو بحل المشكلات وبعض الأعمال المكتوبة الخاضعة للإشراف.
إن من شأن الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تجعل التعليم أكثر كفاءة. كما أن بإمكان هذه الأدوات إتاحة تعلم المواد بطرق أكثر ابتكاراً. ويمكن للطلاب خوض نقاشات مع شخصيات رمزية بلغات أجنبية، أو زيارة المحطة الفضائية الدولية باستخدام سماعات رأس الواقع الافتراضي، أو استخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي للمشاركة في إبداع الموسيقى والفنون.
عموماً، سيتطلب بروز الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في التعليم وإنما في سوق العمل أيضاً، إعادة تفكير فيما تعلمه المدارس وكيفية تدريسه. ويسهل الوصول الفوري لتكنولوجيا المعلومات الابتعاد عن الحفظ عن ظهر قلب والتوجه نحو تطوير قدرة الطلاب وجعل المعلمين أكثر إنتاجية. يتيح التعليم المدعوم بالذكاء الاصطناعي إمكانية تعويض النقص في طاقم التدريس، خصوصاً في المناطق والبلدان الأكثر فقراً. لكن من أجل تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا، دون تقويض المعايير التعليمية القائمة، سيحتاج المعلمون والمدارس والحكومات إلى التكيف معها.
-
أخبار متعلقة
-
نظريات متضاربة حول الوعي الاصطناعي.. هل تشعر الروبوتات بالألم؟
-
روبوت لحراسة الأنهار وإنقاذ الغرقى في الصين
-
توقف خدمة نتفليكس عن آلاف المستخدمين في أمريكا
-
لا تكتب هذه الكلمات على جوجل.. استخدامها في البحث يعرضك لتهديد خطير
-
مستخدمو الإصدار التجريبي من "واتساب" يُبلغون عن مشكلة خطيرة.. هذه تفاصيلها
-
عطل في "شات جي بي تي" يقطع الخدمة عن آلاف المستخدمين
-
وداعاً لتعدد التطبيقات.. ميزة واتساب الجديدة ستجمع كل محادثاتك في مكان واحد!
-
بعد الهواتف الذكية.. المقلاة الهوائية قد تتجسس عليك!