الخميس 2025-02-20 05:45 ص
 

51 إصابة في أسبوع .. ضحايا الرصاص الطائش في أم درمان

تعبيرية
تعبيرية
09:54 ص

الوكيل الإخباري-   في أم درمان، لا تخطئ الرصاصات الطائشة أهدافها، بل تجد ضحاياها في أماكن غير متوقعة. طفل يلعب في فناء منزله، امرأة تنشر الغسيل، أو رجل يسير في شارع يظنه آمنًا. كل يوم، تضاف أسماء جديدة إلى قوائم المصابين، وكأن الحرب قررت أن تسكن البيوت إلى الأبد.

لم يعد النوم في فناء المنزل مجرد عادة في ليالي انقطاع الكهرباء، بل أصبح مخاطرة قد تكون قاتلة.

شاب من ضاحية الثورة كان مستلقيًا يحاول التقاط بعض الهواء البارد، قبل أن تمزق رصاصة طائشة قدمه".

تم نقله إلى مستشفى النو في أم درمان، حيث خضع للعلاج والتغيير على الجرح لمدة 21 يومًا. حادثة أخرى تضاف إلى قائمة الضحايا الذين يسقطون بسبب إطلاق النار العشوائي.

ويقول أحد شهود العيان من أم درمان في تصريحات صحفية: "
لم يعد إطلاق النار في الهواء مجرد وسيلة للتعبير عن الفرح، بل تحول إلى كابوس يومي يهدد حياتنا. في حفلات الزفاف، والمناسبات الاجتماعية، وحتى لحظات الفرح العابر، تصبح السماء مستودعًا للرصاص الطائش. لم يعد مستغربًا أن يحمل شخصٌ رشاشًا ويفرغ مخازنه في الهواء، وكأننا نعيش في ساحة حرب دائمة."

اضافة اعلان

لكنّ الرعب لا يتوقف عند المناسبات، بل يمتد ليشمل كل إعلان عن "تحرير" منطقة ما، والذي بات بمثابة صافرة إنذار للخطر القادم. فور صدور أي بيان رسمي، يدرك سكان أم درمان أن السماء ستمطر رصاصًا، وأن الشوارع ستتحول إلى ساحات معارك غير مرئية، حيث تتطاير قذائف الـ"قرنوف" بلا تمييز، فتضيع فرحة المواطنين السودانيين.

في غضون أسبوع واحد فقط من شهر فبراير الجاري، سجلت المستشفيات في أم درمان 51 إصابة على الأقل برصاص طائش. لكن الرقم الأكثر صدمة كان يوم إعلان استعادة السيطرة على ود مدني، حيث أصيب 55 شخصًا خلال ساعات قليلة، معظمهم داخل منازلهم أو أثناء تنقلهم في الشوارع.

ويروي أحد الأطباء قصة تقطع القلب، قائلًا:

"أدخلوا إلى الطوارئ طفلة في السادسة، كانت تمسك بدميتها عندما أصابتها رصاصة في كتفها. كانت تبكي وتسأل والدتها: هل كنت فتاة سيئة؟ لماذا أطلقوا النار عليّ؟"

كلمات الطفلة كانت أكثر قسوة من جراحها، فهي لم تكن بحاجة إلى علاج طبي فقط، بل إلى إجابة على سؤال لا يملك أحد إجابته.

وفي ظل هذه الفوضى، يتساءل كثيرون بمرارة: كيف يمكن للأطفال أن يعودوا إلى مدارسهم بينما الطلقات تخترق الجدران والمساجد والمتاجر؟ كيف يمكننا أن نحيا حياة طبيعية في مدينة تمطر رصاصًا؟ لم يعد السؤال "من يطلق النار؟" مهمًا، فالإجابة باتت واحدة: "لا تسأل.. من أنت لتسأل؟"

وفي النهاية، يبقى التساؤل الأكبر كما يقول مواطنو أم درمان: لماذا يُستخدم السلاح ضد الأبرياء بدلًا من حمايتهم؟ في مدينة تعيش تحت تهديد مستمر بفعل الحرب الطاحنة والقذائف العشوائية، يبدو أن الرصاصة الطائشة لم تعد طائشة.. بل موجهة ضد الحياة نفسها.

وفي مدينة أصبحت فيها السماء مصدر خطر لا رحمة فيه، لا أحد يعرف متى وأين ستسقط الرصاصة القادمة. وبينما يطالب السكان بوضع حد لهذا الجحيم اليومي، يبقى السؤال معلقًا في سماء أم درمان: هل أخطأت المدينة حين طلبت الطمأنينة؟

العربية 

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة