وأشار المحللون في تقرير نُشر مؤخرا إلى أنه "مع تمرير القانون الكبير والجميل، فإن الولايات المتحدة تواجه دينًا إضافيًا بقيمة 3.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل، ورفعًا لسقف الدين بمقدار 5 تريليونات دولار، ما لم تنجح إدارة ترامب في تحقيق توقعاتها الطموحة للنمو الاقتصادي".
إعادة توجيه عالمي لرؤوس الأموال
ووفقًا للتقرير، فإن هذه الشكوك دفعت إلى إعادة توزيع عالمية لرأس المال، حيث أدت ضعف قيمة الدولار الأميركي إلى دفع أسعار الذهب وعوائد سندات الخزانة الأميركية نحو الارتفاع. وأضاف المحللون: "مع تصاعد الضغوط المالية، من المرجح أن يستمر التقلب في سوق السندات، مما سيدعم الطلب على الذهب كملاذ آمن".
وأوضح مجلس الذهب العالمي قائمة مفصلة بتأثيرات هذا المشهد المالي الجديد على سوق الذهب. وذكر أن أولى هذه اللحظات كانت ما سُمي بـ"يوم التحرير"، حين أثار إعلان ترامب الأول عن الرسوم الجمركية موجة بيع غير مسبوقة في سندات الخزانة الأميركية. "السوق بالكاد تعافى من تلك الاضطرابات، والآن عليه أن يواجه تبعات قانون ترامب الجديد، الذي تتوقعه مكتب الميزانية في الكونغرس أن يضيف 3.4 تريليون دولار إلى الدين الوطني البالغ حاليًا 36.2 تريليون دولار".
الذهب كملاذ في ظل اضطراب توزيع الأصول
وقال المحللون إن المستثمرين يراقبون عن كثب ما إذا كانت حزمة الإنفاق الجديدة ستؤثر على استراتيجيات توزيع الأصول. وأضافوا: "مع انتشار حالة عدم اليقين، من المرجح أن يستمر الذهب في جذب المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن في عالم تسوده التقلبات، حيث تضاف المخاطر المالية إلى القلق الاستثماري العام".
ورغم أن ارتفاع أسعار الفائدة يُعد عادةً عاملًا سلبيًا لأسعار الذهب، إلا أن المحللين أكدوا أن "هذا الارتباط العكسي تم تجاوزه منذ عام 2022، حيث واصلت أسعار الذهب الارتفاع إلى جانب ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقية التي تجاوزت حاليًا 2%، مدعومةً برغبة المستثمرين في التحوط من المخاطر المتزايدة وبعمليات الشراء المتسارعة من قبل البنوك المركزية".
البنوك المركزية تدفع بالطلب على الذهب
وأشار التقرير إلى أن زيادة مشتريات البنوك المركزية، خصوصًا في الأسواق الناشئة، تمثل أحد أبرز العوامل الداعمة لقوة الذهب. وأوضح المحللون: "تشمل أسباب هذا التوجه نحو زيادة الاحتياطات الذهبية التنويع، والمخاطر الجيوسياسية، والأداء التاريخي للذهب في فترات الأزمات".
كما أضافوا أن ثقة المستهلكين وخطط الاستثمار التجاري قد تأثرت مؤخرًا بحالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، مما أدى إلى خروج رؤوس الأموال من الولايات المتحدة، حيث يبحث المستثمرون الدوليون عن بدائل أكثر أمانًا من سندات الخزانة الأميركية.
نتيجة لذلك، شهد السوق ضعفًا في الدولار الأميركي، وارتفاعًا في أسعار الذهب، واتساعًا في الفارق بين عوائد السندات الأميركية ونظيراتها من الدول الأخرى عالية التصنيف مثل ألمانيا.
دلائل على هشاشة التمويل الأميركي
أكد المحللون أن المخاوف المالية تمثل أحد العوامل الداعمة لسوق الذهب. وأشاروا إلى أن الفارق بين عوائد السندات الحكومية الأميركية وأسعار عقود المبادلة ذات المعدلات الثابتة ارتفع بشكل ملحوظ، وهو ما يعكس ضعف قدرة السوق على استيعاب الإصدارات الجديدة من السندات أو مبيعاتها من قبل حامليها الحاليين. هذا بدوره يزيد من الضغط على عوائد السندات ويؤدي إلى ارتفاع الفوارق المرتبطة بها.
وأضافوا: "تحليلنا يشير إلى أن هذا الفرق المرتبط بالقلق المالي الأميركي له تأثير إحصائي كبير على تحركات أسعار الذهب". وبمعنى أوضح، "عندما تزداد المخاوف بشأن الاستدامة المالية أو العجز الأميركي، يميل المستثمرون إلى التوجه نحو الذهب كخيار أكثر أمانًا، مما يرفع من سعره".
الولايات المتحدة في وضع مالي هش
وأشار مجلس الذهب العالمي إلى أن الولايات المتحدة أصبحت في موقف مالي حرج. "من المرجح أن يظل سوق الذهب مدعومًا بالمخاوف المالية الأميركية، حيث سيبقى سوق السندات حساسًا للغاية تجاه قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها المالية". وأوضح أن عقودين من السياسات المالية التوسعية، إلى جانب التغيرات في هيكل الطلب، قد أدت إلى تفاقم هذا الوضع، وقد يزيد تمرير القانون الكبير والجميل من خطورته.
كما أشار التقرير إلى أن الطلب على سندات الخزانة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والحكومات الأجنبية – أي المشترين غير الحساسين للعائد – بدأ في التراجع. وفي المقابل، أصبح المستثمرون الأجانب من القطاع الخاص هم أكبر حاملي هذه السندات، وهم أكثر حساسية للأسعار نظرًا لأنهم يقارنون العوائد عبر أسواق متعددة.
أزمة مالية شاملة ليست وشيكة... ولكن
رغم كل هذه المؤشرات، فإن مجلس الذهب العالمي لا يتوقع أزمة مالية أميركية شاملة في الأمد القريب، موضحًا أن "مثل هذه الأزمة تتطلب محفزًا مباشرًا – كأن يؤدي خطأ في إدارة سقف الدين إلى تخلف تقني عن السداد – لتسريع الاتجاهات المزعزعة للاستقرار على المدى الطويل".
ومع ذلك، يرى المحللون أن السيناريو الأرجح هو سلسلة من الأزمات الصغيرة المتكررة نتيجة تصادم الأهداف السياسية مع توقعات الأسواق. وأضافوا: "عندما يشعر المستثمرون أن القادة يفقدون التزامهم بالانضباط المالي على المدى الطويل، أو يسعون لفرض سياسات تضعف الوضع المالي، فإن الأسواق تميل إلى الرد بسرعة وعنف. لكن هذه الاستجابات عادة ما تكون قصيرة الأجل، حيث تتراجع الحكومة تحت ضغط الأسواق، وقد يتدخل البنك المركزي لمنع ارتفاع العوائد بسرعة".
في ختام التقرير، شدد مجلس الذهب العالمي على أن البيئة المالية المضطربة والمخاطر الجيوسياسية تؤثر على أسعار الذهب، لكنها ليست العوامل الوحيدة.
وقال المحللون: "القلق المالي كان ولا يزال له دور مهم. صحيح أن هناك قناعة واسعة بأن سوق السندات الأميركية سيبقى ملاذًا آمنًا دائمًا، لكن وقوع أزمة كبرى، رغم أنه احتمال ضعيف، ليس مستحيلًا". وأضافوا أن السيناريو المرجح يتمثل في سلسلة من الأزمات الصغيرة المتكررة، حيث تواجه الدول المثقلة بالديون – مثل الولايات المتحدة – قيودًا مفروضة من السوق على قدرتها على التوسع المالي.
واختُتم التقرير بالتأكيد على أن هذه الشكوك والتقلبات الناتجة عنها ستظل تقدم دعمًا إضافيًا لسوق الذهب في المستقبل القريب.
-
أخبار متعلقة
-
ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 30% على دول جديدة.. تعرف عليها
-
هبوط الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات
-
روسيا تدرس فرض حظر شامل على تصدير البنزين
-
انخفاض أسعار الغاز في أوروبا
-
تباين أداء الأسهم الآسيوية
-
انكماش غير متوقع للاقتصاد البريطاني في أيار الماضي
-
خام الحديد يتجه لتسجيل مكاسب أسبوعية للمرة الثالثة على التوالي
-
ارتفاع أسعار النفط بنحو طفيف