الخميس 2025-02-20 05:48 م
 

كائن دقيق بالبحر الميت يُحيي آمال العثور على حياة بالمريخ

البحر الميت يقدم أدلة على إمكانية وجود حياة في مكان آخر في الكون، مثل كوكب المريخ
البحر الميت يقدم أدلة على إمكانية وجود حياة في مكان آخر في الكون، مثل كوكب المريخ
08:52 ص

الوكيل الإخباري-   في عمق واحدة من أكثر البيئات قسوة على كوكب الأرض، "البحر الميت"، تعيش "هالوفيراكس فولكاني"، وهو كائن حي دقيق وحيد الخلية شبيه بالبكتيريا، رأى فيه الباحثون مفتاحًا لاختبار وجود حياة على المريخ.

وانطلق فريق الباحثين، بقيادة ماكس ريكيليس، الباحث بمركز علم الفلك والفيزياء الفلكية في الجامعة التقنية ببرلين، من ملاحظة سابقة تشير إلى أن "هذه البيئة الملحية القاسية، حيث تجعل درجات الملوحة العالية البقاء مستحيلًا لمعظم الكائنات، تسمح لهذا الكائن بالعيش"، ومن ثم تساءلوا في الدراسة المنشورة في دورية "فرونتيرز" عما إذا كان هذا الكائن يمكن أن يقدم أدلة على وجود حياة في مكان آخر في الكون، مثل كوكب المريخ، وكانت الإجابة "نعم".

يقول ريكيليس في تصريحات صحفية: "المريخ يحتوي على أملاح مشابهة لتلك الموجودة في البحر الميت، مثل كلوريد الصوديوم (الملح الشائع)، والكلورات، والبيركلورات، وهذه الأملاح، خاصة تلك المكتشفة على المنحدرات المريخية، تلعب دورًا رئيسيًا في خفض درجة تجمد الماء على المريخ، وتمتص الرطوبة من الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تكوين محاليل ملحية موسمية. ورغم أن هذه المحاليل الملحية قد توفر المياه السائلة، فإن مستويات الملوحة العالية تخلق بيئة سامة، تجعل البقاء صعبًا للكائنات الأرضية المعروفة".

ومع ذلك، فإن قدرة الكائنات الحية في البحر الميت على التكيف مع ظروف مشابهة يجعلها "نموذجًا ممتازًا" لدراسة كيفية بقاء الكائنات في بيئات قاسية مثل المريخ.

وفي دراسة سابقة نُشرت في دورية "لايف"، ناقش ريكيليس استجابات بكتيريا "إيشيريشيا كولاي" لتراكيز مختلفة من الأملاح المشابهة لتلك الموجودة على المريخ. وتم تحليل بقاء البكتيريا وحركتها تحت تركيزات مختلفة من الأملاح، وإجراء تحليل شبه آلي لحركة البكتيريا بقياس سرعاتها وأنماط حركتها.

وأظهرت النتائج أن بيركلورات الصوديوم هو الأكثر سمية، يليه كلورات الصوديوم، في حين كان كلوريد الصوديوم الأقل تأثيرًا. وتأثرت قدرة البكتيريا على البقاء وحركتها بتركيزات الأملاح ومدة التعرض لها.
ولاحظ الباحثون زيادة قصيرة المدى في الحركة تحت تأثير كلورات الصوديوم وبيركلورات الصوديوم، وخلصوا إلى أن الحركة قد تساعد الكائنات على التنقل في بيئات قاسية، مما قد يكون علامة حيوية رئيسية في البحث عن الحياة على المريخ.

أعطت بكتيريا "إيشيريشيا كولاي"، المعروفة بسهولة التعامل معها في الأبحاث، فكرة عامة عن المفهوم الذي يريد الباحثون اختباره.

في الدراسة الجديدة، أراد الباحثون اختبار هذا المفهوم باستخدام كائنات لا تعيش إلا في البيئات القاسية، مما يجعلها أكثر تمثيلًا للظروف المحتملة على المريخ.

ولم تقتصر الدراسة على تغيير الكائن، بل اختبروا تقنية تعرف بـ**"الكيموتاكسي"**، حيث تتحرك الكائنات استجابة لمؤثرات كيميائية. واستخدم الباحثون الحمض الأميني "إل-سيرين" لجذب "هالوفيراكس فولكاني"، ووجدوا أنه يحفز الحركة الكيميائية.

ووظف الباحثون هذا الحمض الأميني بطريقة مبسطة، فبدلًا من المعدات المعقدة، استخدموا شريحة تحتوي على غرفتين مفصولتين بغشاء رقيق، يتم وضع الكائنات الدقيقة على أحد الجوانب، ويتم إضافة الحمض الأميني إلى الجانب الآخر. وبالتالي، إذا كانت الكائنات الدقيقة على قيد الحياة وقادرة على الحركة، فإنها تسبح نحو الحمض الأميني عبر الغشاء.

وهذه الطريقة سهلة، وميسورة التكلفة، ولا تتطلب حواسيب قوية لتحليل النتائج.

وقد أظهرت النتائج الأولية نجاحًا ملحوظًا باستخدام حمض أميني واحد فقط، لكن ريكيليس يقترح أن يتم تحسين التجربة لاحقًا بإضافة مجموعة متنوعة من الأحماض الأمينية والسكريات مثل الغلوكوز والريبوز.

ويقول ريكيليس: "نحتاج إلى تحسين التجربة لتشمل أكثر من غرفة اختبار واستخدام أغشية مثالية تتناسب مع الكائنات الحية غير المعروفة"، مضيفًا أن هذا التطوير سيتيح استخدام التقنية بشكل أوتوماتيكي وملائم للرحلات الفضائية المستقبلية.

تُستخدم الأغشية في التجارب (مثل نوع من الفلاتر أو الحواجز) للسماح بمرور بعض المواد أو الكائنات الدقيقة من خلالها، بينما يتم حجز أو منع مرور مواد أخرى. وهذه الأغشية تكون مثل بوابات دقيقة جدًا، وظيفتها السماح بمرور الكائنات المراد دراستها أو جذبها.

والغشاء المثالي هو غشاء يكون مصممًا بعناية، بحيث يسمح بمرور الكائنات البسيطة جدًا (مثل البكتيريا أو الميكروبات) المراد اكتشافها، ويمنع مرور المواد أو الجزيئات الأكبر أو غير المهمة التي قد تؤثر على التجربة.

ورغم التفاؤل بشأن إمكانيات استخدام هذه التقنية في البعثات الفضائية المستقبلية، يعترف ريكيليس بأن التحديات التقنية تبقى كبيرة، ويقول: "أكبر تحدٍّ هو تصميم غشاء مثالي يستطيع التعامل مع الكائنات الحية غير المعروفة التي قد تكون مختلفة عن الكائنات الأرضية، لذلك نحتاج إلى تحسين الغشاء بحيث يناسب هذه الكائنات المحتملة".

ويتطلب هذا التصميم أبحاثًا أعمق على مجموعة متنوعة من الكائنات الأرضية لاختيار المواد المثالية التي يمكنها جذب الكائنات المحتملة دون التأثير على التجربة.

ومن ناحية أخرى، يرى ريكيليس أن نتائج التجارب على الحركة الميكروبية قد تكون مفتاحًا للكشف عن الحياة في بيئات أخرى في نظامنا الشمسي، مثل المحيطات الموجودة تحت سطح القمر "أوروبا" التابع لكوكب المشتري.

ويقول: "الحركة الميكروبية تعتبر علامة حيوية مميزة"، مشيرًا إلى أن "حركة الكائنات الحية تختلف بوضوح عن الحركات الفيزيائية غير الحيوية، مثل الحركة البراونية".

وأوضح أن تطور الحركة الميكروبية قد يكون مفيدًا جدًا في البيئات الفضائية القاسية، حيث يمكن أن تشير هذه الحركة إلى وجود حياة حتى لو كانت تعتمد على كيمياء حيوية مختلفة عن تلك التي نعرفها على الأرض.

اضافة اعلان


الجزيرة

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة