جاء التكليف الملكي لرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بتشكيل ورئاسة مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، ليؤكد على أهمية التكنولوجيا ودورها في بناء الدول والاقتصادات، وبُعد النظرة الملكية والتفكير الاستراتيجي لجلالة الملك الذي يواصل العمل من أجل أردن متقدم يحافظ على مكانته في مصاف الدول الأكثر تطوراً، لا سيما وأن رسالة التكليف أشارت إلى متابعة ولي العهد لأعمال هذا المجلس، ما يدل على الاهتمام الكبير من لدّن القيادة الهاشمية بهذا المجال.
الملك وكعادته يعطي توجيهاته ويؤشر على ما يجب التركيز عليه انطلاقاً من رؤية جلالته التي كانت عنواناً لتميّز الأردن ورفعته في مختلف المحافل، إذ كان على الدوام يؤكد على أهمية التكنولوجيا والاتصالات في تحقيق التقدم المنشود على كافة المستويات وفي مختلف القطاعات، ما يعني بنية تحتية قوية قادرة على المنافسة إقليمياً وعالمياً، الأمر الذي ينعكس على الاقتصاد الوطني في ظل الاتجاه العالمي نحو الاقتصادات والمجتمعات الرقمية، إضافة إلى تعزيز البيئة الاستثمارية من خلال عوامل جذب قوية تتمثل في التطور التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية.
كل ما سبق يضع المجلس الجديد الذي يرأسه الدكتور جعفر حسان أمام مسؤولية كبيرة، ولعل ما يميز هذا المجلس هو ترؤسه من قبل رأس السلطة التنفيذية، ما يجعلنا متفائلين بمخرجاته عبر تبسيط الإجراءات وتجاوز البيروقراطيات التي قد تؤدي إلى أن تصبح قرارات هذا المجلس حبيسة الأدراج، فما لمسناه من الدكتور حسان منذ توليه رئاسة الحكومة ترك أثراً إيجابياً لدى جميع المتابعين لتحركات وقرارات الرئيس الميداني، الذي تلمس احتياجات الناس عن قرب وتابع ونفذ ما وعد به.
ويقودنا الحديث عن تكنولوجيا المستقبل إلى القطاع الأبرز، الذي يمكن هذه التكنولوجيا ويشكل عمودها الفقري، وهنا الحديث عن قطاع الاتصالات، الذي يعد بداية الانطلاق نحو التغيير المنشود في هذا المجال إذا ما تنبهت الحكومة ورئيسها إلى أهميته، وإلى ضرورة إعادة البريق إليه بعدما عانى لسنوات طوال من حكوماتٍ متعاقبة لم ترَ فيه إلا مصدراً سهلاً للإيرادات، عبر ضرائب ورسوم أرهقت الشركات ومعها المواطن، على حساب تطوّر القطاع وتقدمه وانعكاس ذلك على البنية التحتية للأردن، الأردن الذي يريده الملك دولة متقدمة تكنولوجياً تتمتع باقتصاد ومجتمع رقمي مزدهر.
لقد حافظ قطاع الاتصالات الأردني على تميّزه طيلة عقود مضت رغم القيود والأعباء التي فُرضت عليه، وكان هذا التميز نتيجة جهود مضنية واستثمارات بمليارات الدولارات تم ضخها في الاقتصاد الأردني وفي البنية التحتية للاتصالات في المملكة، لتصبح لدينا اليوم هذه الثروة الوطنية التي فتحت آفاقاً واسعة عززت من مكانة الأردن إقليمياً وعالمياً، وحفزت الاقتصاد الأردني، ووفرت حوالي 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى برامج المسؤولية المجتمعية التي كان لقطاع الاتصالات الدور الريادي وكان سباقاً في تفعيلها وترك أثر لا يمكن لأحد إنكاره على العديد من القطاعات والكثير من فئات المجتمع.
إن كل ما سبق، وغيرها العديد من الإنجازات والخدمات التي يصعب تعدادها في سياق هذا المقال، لم تشفع لقطاع الاتصالات أمام الحكومات المتعاقبة، التي وجدت فيه ضالتها لزيادة الإيرادات وفرض الرسوم والضرائب بمختلف الأنواع والمسميات، إلى أن وصلت قيمة ما تحصله من كل دينار يدفعه المواطن لشركات الاتصالات إلى حوالي 70 قرشاً، ليتوقف قطاع الاتصالات عن النمو في إيراداته رغم المسؤولية التي يتحملها في التطوير والاستثمار بشكل مستمر، وهو الأمر الذي أدى على مدار سنوات إلى تآكل أرباح الشركات العاملة في هذا القطاع، إلا أنها واصلت القيام بدورها الوطني، ولبّت النداء بإدخال خدمات الجيل الخامس التي تم تضمينها في رؤية التحديث الاقتصادي، واستمرت في رفع سوية الخدمات المقدمة وتعزيز البنية التحتية للاتصالات في المملكة بما يليق باسم الأردن.
خلاصة القول إن تكنولوجيا المستقبل تحتاج إلى بنية تحتية قوية وتكنولوجيا اتصالات متطورة تتطلب تحديثاً مستمراً لمواكبة ما يجلبه المستقبل من تقنيات، لنكون قادرين على المنافسة وتحقيق ما يصبو إليه الأردنيون ويتفائلون به كما أراده سيد البلاد وولي عهده الأمين، وذلك يتطلب وقفة جادة ومعالجة فورية من قبل الحكومة ورئيسها الذي يرأس المجلس الجديد نحو المستقبل، إذ نرجو أن يلتقط الرسالة ويعمل على معالجة التشوهات التي لحقت بقطاع الاتصالات من زيادة كبيرة في الأعباء التي يتحملها والانخفاض الكبير في أسعار خدمات الاتصالات التي تعد من الأقل عالمياً وما نتج عن ذلك من آثار سلبية على الشركات، ما أدى إلى اختلال كبير نخشى أن يقود إلى عدم قدرة القطاع على مواصلة دوره في تطوير الخدمات وتعزيز البنية التحتية الرقمية للمملكة، إذ نأمل تحركاً إيجابياً من رئيس الوزراء وخطوات إلى الأمام كما رأينا من خطوات إيجابية في العديد من المسائل العالقة في قطاعات أخرى، ليعيد الروح إلى قطاع الاتصالات الذي لا نبالغ إن قلنا إنه على أعتاب الاحتضار إذا ما بقيت الحكومة على نفس النسق دون أي خطوات إصلاحية جادة تمكّنه من مواصلة دوره الإيجابي في خدمة الأردن والأردنيين من أفراد وشركات ومؤسسات حكومية وخاصة، وهنا نستذكر حديثاً للأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، حينما قال بأن "الأردن مستمر في الاستثمار في تكنولوجيا الاتصالات، باعتبارها محركاً رئيسياً لمستقبل المملكة الرقمي".
-
أخبار متعلقة
-
المستشفى الميداني الأردني نابلس/5 يستقبل 17,352 حالة منذ بدء عمله
-
جمعية رجال الأعمال تبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية الأردنية الأوزبكية
-
وزير الداخلية يستقبل نظيره الكويتي
-
وزير الصناعة يبحث مع نظيره العراقي سبل تعظيم الفرص الصناعية المتاحة
-
الطراونة: مؤسسة الضمان تضع خبراتها في التحول الرقمي أمام كافة الأشقاء العرب
-
إجراء جديد حول أسئلة التوجيهي في الأردن
-
اكتشاف أثري جديد يعزز القيمة التاريخية لمدينة جرش
-
إنجازات رؤية التحديث الاقتصادي لقطاع الأمن السيبراني لعام 2024