وعودة للتاريخ فان وباء الكوليرا ظهر في فلسطين التاريخية في حيفا وعكا عام 1902 مما حدا بالبعض الى التوجه الى القدس, وتاريخيا فان انتشار الاوبئة في القرون الماضية قد يؤدي الى تطورات اجتماعية عميقة مثل صعود الطبقة الوسطى وتراجع نفوذ الطبقة الارستقراطية حول العالم , ولكن في جائحة كورونا لاحظنا العكس فقد زادت مساحات الفقر بين الشعوب وادى الى اضعاف الدول الفقيرة وزادت هيمنة راس المال والشركات الكبرى على القرار السياسي والاقتصادي للدول وخاصة النامية كما ادت الى تغييرات في الانماط الاجتماعية.
وتاريخيا فقد استغلت الحركة الصهيونية والدولة اليهودية مبكرا وقبل انشاءها انتشار مرض الملاريا وطاردت المستثمر اللبناني سليم سلام الذي كان قد حصل على امتياز تجفيف المستنقعات من السطات العثمانية وقامت بتسويق الوباء من اجل تجفيف بحيرة الحولة التي اصبحت فيما بعد الخزان الاستراتيجي وسلة الغذاء الاساسية في دولة الاحتلال .
واسرائيل لديها باع طويل في الحرب الجرثومية منذ عقود ونقلها الى دول الجوار ومنذ عام 1947 وقبل انشاء دولة الاحتلال عندما قام يهوديان ودون عقاب من سلطات الانتداب بتلويث مياه غزة وعكا وحوران الشام اثناء فترة الانتداب البريطاني وادت الى وفاة 20,472 و كذلك وفيات في الجيش المصري وتم القبض على اليهوديان في غزة وتم اعدامهما من قبل الجيش المصري , وبعيد قيام دولة الاحتلال في عام 1948 قامت مبكرا بانشاء مركزا للحرب الجرثومية والبيولوجية في منزل شكري التاجي الفاروقي في وادي جنين بعد ان استولت على المنزل وما زال قائما ليومنا هذا وما زالت اسرائيل ترفض التوقيع على اي اتفاقية تخص الحرب البيولوجية. ولغاية الان لم تتوقف اسرائيل عن تلويث البيئة الفلسطينية والعربية المجاورة بل استمرت في حرب الابادة في غزة وفلسطين منذ اكثر من عشرة شهور واستمرار توغلها في الاراضي الفلسطينية وسياسات الفصل العنصري واعتداءها المتكرر على الاقصى والمقدسات الاسلامية في القدس. وتواصلت اسرائيل في تضليلها للراي العام العالمي حيث قامت باستخدامها عام 1968 ضد مزروعات اهالي عين البيضاء و عقرباعام 1972 ومجدل بني فاضل عام 1978 ولبنان عام 1982 والنقب عام 2002 وضد الاسرى والمعتقلين الفلسطينين في سجون الاحتلال كما افاد عميل الموساد المنشق فيكتور اوستروفيسكي , وكذلك قيام سلطات الاحتلال بتلويث المياه اثناء الانتفاضة .
وفي عام 1992 فضيحة سقوط طائرة شحن اسرائيلية فوق ضاحية في امستردام وادى الى وفاة 47 شخصا واصابة مئات الاشخاص بامراض غامضة والذي تكتمت السلطات الهولندية على الحادث نتيجة لضغوط اللوبي الصهيوني , ومحاولة اغتيال خالد مشعل في عمان عام1997 في الاردن , وما زال التاريخ يحفل بالانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقانون الدولي وتحت حماية امريكية وصمت دولي .
في الاردن ومنذ عام 1981 وبفضل اجراءات الدولة الفنية والمهنية والصحية والادارية الحازمة لم يسجل اصابات و انتشار لوباء الكوليرا وما زالت تستمر الطواقم المختصة في وزارة الصحة والزراعة والمياه وسلطة وادي الاردن باجراءات المسح والرصد واخذ العينات من المياه لضمان خلو المياه والمزروعات من الكوليرا , كما قامت الجهات الرسمية الاردنية المختصة عند تفشي وباء الكوليرا في سوريا والعراق نتيجة ظروف الحرب واللجوء باجراءات ناجعة لمنع انتشار الكوليرا والحفاظ على صحة المواطن من خلال اجراءات التحري والمسوحات البيئية والمائية واخذ العينات اللازمة لضمان سلامة المنتجات الزراعية ومنع انتشارها ولم تسجل رسميا ظهور اي تلوث وكذلك لم يتم تسجيل اي حالات مرضية لدى المواطنين .
وعلى مدار عشرات السنوات الماضية حيث تم اعلان اكثر من ثلاثين دولة في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا تفشي الوباء فيها وبالرغم من وجوده في اقليم ملتهب حيث الحروب والظروف الصعبة في بلدان الجوار والتي انتشر بها الوباء في العراق وسوريا ولبنان واليمن واستقباله لملايين اللاجئين اثبت الاردن كفاءة المنظومة الصحية والوقائية في الحفاظ على الاردن خاليا ونظيفا من الوباء حيث لم يسجل اي حالة وفاة منذ عام 1990 و لغاية اليوم وكذلك بقيت منتجاته الزراعية تحظى بثقة المستهلك في الاسواق الخليجية والعربية والاوروبية .
وبغض النظر عن ضبابية موضوع تصدير الخضار الاردنية لاسرائيل و الموقف الشعبي الرافض منه , فان ما اعلنت عنه اسرائيل من وقف استيراد الخضار الاردنية يأتي لمحاولة الحاق الضرر في الاقتصاد الوطني ويأتي في سياق الاساءة للصادرات الاردنية وللمنتج الاردني وحرمانه من الوصول الى الاسواق التقليدية وهنا يسجل للدولة الاردنية بكافة مكوناتها الرسمي والشعبي موقفها الرافض من حرب التجويع الذي تمارسه سلطات الاحتلال اتجاه الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة وفلسطين من خلال استمرار تسيير القافلات التي تحمل الغذاء السليم والدواء وكذلك الانزالات الجوية لمحاولة كسر الحصار وجدران الصمت وفي ظل غياب دولي لحماية الشعب الفلسطيني .
وعودة لتاريخ وممارسات دولة الاحتلال الصهيوني كما اسلفت سابقا في انتشار الاويئة منذ عام 1947 ولغاية الان وما يجري في غزة من حرب ابادة وقتل الاطفال وتجويع وحصار وتدمير للبنى التحتية وللمنظومة الصحية حتى اصبحت غزة مكانا غير قابلا للعيش فيه, فانه من غير المستبعد ان تلجا اسرائيل مستقبلا الى تكرار الاساليب السابقة في نشر الاوبئة لالحاق مزيدا من الضرر في الشعب الفلسطيني المحاصر خاصة وانها تستمر في استعمال الغازات السامة داخل غزة وعلى حدودها حتى قبل طوفان الاقصى تكريسا لسياسة الاستعمار الاستيطاني وحسب قول الجنرال الاسرائيلي ايلاند والذي شغل سابقا منصب رئيس مجلس الامن القومي ان ان انتشار الاوبئة في غزة يقربهم من كسب الحرب وبثمن وكلفة اقل وان الحرب لا تحسم فقط بالقوة العسكرية بل ايضا بكسر منظومة الخصم !!!
-
أخبار متعلقة
-
حزب الاتحاد الوطني الأردني يدين الاعتداء على رجال الأمن العام ويشيد بإحباط محاولتي التسلل على الحدود
-
رئيس بلدية إربد: سنتخذ إجراءات جديدة لتنظيم سوق البالة
-
الحمل الكهربائي يسجل 3625 ميجا واط مساء اليوم
-
بيان من عشيرة المعايطة بشأن احداث الرابية
-
ضريبة الدخل: 7500 مكلف تقدموا بطلبات التسوية والمصالحة
-
الهيئة الخيرية الهاشمية: وصول دفعة جديدة من المواد الإغاثية لغزة
-
الديوان الملكي يعزي عشيرة العبيدين
-
إعلان صادر عن القيادة العامة للقوات المُسلّحة الأردنية