الأحد 2025-04-13 08:36 ص
 

المحامي عبد الكريم الكيلاني يكتب: مصالحة بين الشريعة و القانون

المحامي عبد الكريم الكيلاني
المحامي عبد الكريم الكيلاني
 
06:17 م
الوكيل الإخباري- نشبت معركة الشريعة والقانون، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن الحادي والعشرين.اضافة اعلان


ومردُّ ذلك أول الأمر، عودة نفرٍ من خريجي الجامعات الغربية بالنظريات الفقهية والقانونية التي درسوها في جامعات الغرب، وحرصهم على تطبيقها في دولهم، باعتبارها ذروة ما وصل إليه العقل القانوني.

كما نشأ لدى طرفٍ آخر، اعتقادٌ بأن هناك حملة لتغريب التشريع في الدول العربية والإسلامية.

ونجم عن هذا الخلاف مصطلح "القانون الوضعي" مقابل "الشريعة والفقه الإسلامي".

واحتدمت المعركة سجالًا بين الفريقين.

إلى أن قيَّض الله للأمة، فقهاء في المدرستين، على رأسهم الفقيه المصري عبد الرزاق السنهوري، الذي جمع فأوعى، وأدرك بعد مناظراتٍ وحواراتٍ ودراساتٍ، ضرورة استدعاء الشريعة الإسلامية في الدراسات الجديدة، واستلهام مبادئ الفقه الإسلامي في التشريع، وهو "الأمل المقدس" على حد تعبير السنهوري، الذي اعتبر أن الفقه ينهض بالتشريع ولا يعيبه.

وكذلك عكف فقهاء آخرون، كالأستاذ مصطفى الزرقاء، على إعادة تبويب مسائل الفقه في ثوبٍ جديد، في كتابه "المدخل الفقهي العام".

وأزعم أن الدولة التي قطفت ثمرة ذلك كله في مرحلة مبكرة هي الأردن، التي كان لها السبق التاريخي بإقرار قانون مدني عكف على صياغته فقهاء الشريعة والقانون معًا.

وعليه يمكن القول، إن افتعال خصومة بين الشريعة والقانون، ناجمٌ عن الجهل بكليهما.

فبعد أكثر من خمسة عقودٍ على تطبيق القانون المدني الأردني، كنموذج فريدٍ احتذت به جامعة الدول العربية وعدد من الدول العربية والإسلامية، أصبحت الملاءمة بين النظريات القانونية والفقهية مصدرَ ثراءٍ للتشريع، ووعاءً من الأحكام والقواعد التي تُعين القاضي والمحامي على أن يصل بين التشريع الحقوقي والاحتياجات المعاصرة، وبين الإرث الفقهي الزاخر بمبادئه وقواعده ومبانيه.

ومن ذلك كله، فإن توسُّد المشرّع أحكام الفقه الإسلامي أضاف للتشريع وزاد ثراءه، وقد أثبت التطبيق القضائي، أن أحكام الفقه الإسلامي توسّع المدارك، وتفتح الآفاق، بحيث يُتاح للمشتغلين بهذا الشأن أن يختاروا من مبادئ الفقه الإسلامي، بما لها من قيمة حقوقية وتشريعية، أفضل ما يحقق مصالح الأفراد، وإقامة العدل عنهم.

وأما من أراد التمترس خلف الصراع الذي أكل عليه الدهر وشرب، ظنًّا منه أن تشريعًا يمكن أن يسلخ الأمة عن جذورها،

فهو لم يعِ الدرس، الذي وعاه آباء الفقه والقانون على السواء، فوصلوا إلى أنضج ثمرة تلائم العصر، ولا تعارض قيم الأمة وأخلاقها.

وكما قال الله  تعالى في محكم التنزيل: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
 
gnews

أحدث الأخبار



 
 





الأكثر مشاهدة